اخر الاخبار

أخبار عاجلة
الرئيسية / كتابات / خيارات الموت في اليمن

خيارات الموت في اليمن

 

المرصد نيوز/ بقلم/ حمود القديمي

يوماً تلو آخر تتضاءل فرص الحياة لدى المواطن اليمني في ظل التداعيات المتلاحقة والانهيارات المتسارعة ، لتجعل من حياته شبيهة بدورة حياة بعض الحشرات أو البكتيريا ، فما أفرزته الحرب الدائرة في اليمن حولت الحياة إلى أشبه بالجحيم, الذي لا ينتهي ، وإن كان اليمني مصراً على التشبث بآمال انتهاء الحرب وعودة الحياة إلى مجاريها قبل أن يصطاده الموت مثلما وقع الآلاف من اليمنيين في شراكه.

فرص الموت في بلد كاليمن أكبر بكثير من خيارات البقاء ،وإن كانت الحياة أصلاً فيها أشبه بفرار غزال من مجموعة من الأسود المحيطة به من كل مكان ، لذا من الطبيعي أن يتبادل اليمنيون أطراف الحديث فيما بينهم حول المصير المتوقع لكل منهم.

لا يستبعد اليمني إطلاقاً أن تكون نهايته على يد غارة جوية خاطئة ، تأتي مواكبة لموجة الغارات الخاطئة, التي تصوب نحو المدنيين ، ثم يتم الإعلان عنها بأنها أصابت هدفها بدقة أو على الأقل انحرفت عن مسارها وسيتم تعويض الضحايا في وقت لاحق.

الاحتمال الثاني يتمحور في إصابة اليمني بإحدى الأوبئة المنتشرة في أحياء وحارات وقرى ومدن اليمن سواء كانت هذه الأوبئة معروفة كالكوليرا أو إنفلونزا الطيور أو الخنازير أو أوبئة غير متداولة ولم يكتشفها الطب اليمني حالياً وتصنف ضمن القضاء والقدر.

الموت قهراً كفيل باحتضان من لم يمت بالغارات أو الأوبئة ، فالتزايد الملحوظ في الوفيات الناجمة عن الذبحات والنوبات والجلطات ، غالباً ما تكون ناجمة عن التفكير بالمستقبل أو الوضع المعيشي المتدهور نتيجة انقطاع الرواتب وانهيار العملة وغلاء الأسعار أو العجز في الإيفاء بالالتزامات أو الفشل في الحصول على جواز سفر أو أسطوانة غاز يتم بيعهما في السوق السوداء.

يحيط اليأس باليمني من جوانب كثيرة ، الأمر الذي يحفزه للبحث عن الموت بأي طريقة تكفل له مستقبلاً أفضل كبديل عن الانتحار الذي لا يضمن حياة أخروية أفضل، مما يجعل الالتحاق بجبهات القتال المترامية في مختلف بقاع اليمن ولأي طرف كان خياراً وارداً بين خيارات الموت المحتملة.

لا تخلو احتمالات الموت لدى اليمني من خيار الموت جوعاً ، وخصوصاً لدى الأشخاص الذين يفضلون الموت على مد أياديهم لطلب المساعدة بعد أن خذلتهم المنظمات والجمعيات الخيرية المثقلة بالفساد وبيع المساعدات في الأسواق وتوزيعها على غير مستحقيها إلا فيما ندر .

لم تنته الخيارات بعد ، ففرص الموت لدى اليمني واعدة ومتوفرة ، فالتفكير في السفر للبحث عن عمل أو لقمة عيش تسد الرمق قد تلقي باليمني في غياهب السجن بفضل النقاط المنتشرة في طول البلاد وعرضها ، مما تزيد من حظوظه في أن يلقى مصرعه في إحدى السجون بسبب التعذيب أو الإهمال أو غيرها من الأسباب التي تزخر بها السجون ذات المواصفات العالية.

من ابتسم له الحظ واستطاع تخطي النقاط الأمنية ، لن يكون في مأمن من تجاوز أحد خيارات الموت ، فالسفر في اليمن صار مملوءاً بالمخاطر نتيجة تزايد الحوادث المرورية بفعل رداءة الطرقات وكثرة الحفريات نتيجة الإهمال في إصلاح الطرقات وضيقها والسفر عبر خطوط بديلة بفعل إغلاق الخطوط الرئيسية لأسباب متعددة.

قد تكون نهاية اليمني نتيجة اشتباكات بين أطراف متصارعة أو قطاع طرق ، أو على يد طلق ناري عائد من السماء بفعل انتشار واسع وملحوظ للسلاح في صفوف المجتمع اليمني وخاصة صغار السن.

من يدري ربما تكون النهاية قادمة على شكل أمراض خبيثة أو أمراض مستعصية ناجمة عن  مخلفات الأسلحة و المبيدات المنتشرة دون رقابة أو ضمير ، وبالتالي الموت لعدم القدرة على العلاج أو لعدم توافر الدواء أو في انتظار جواز السفر أو الإذن بالسفر ، أو الموت في طريق الذهاب للعلاج.

هنالك البعض من اليمنيين ممن ابتسم لهم الحظ وكانت نهايتهم على أيدي عصابات قدمت للبسط على أراضيهم أو أخذ حقهم دون وجه حق ، ولم تكن لهم خيارات سوى الموت دفاعًاً عنها.

لم يعد يكترث اليمني كثيراً بشأن نهايته المتوقعة بين خيارات الموت المتزايدة والتي من الصعب حصرها إجمالاً ، إيماناً منه بأنه من لم يمت بالسيف مات بغيره ، بل صار يحلم بالحصول على قبر يضمن له ما تبقى من آدميته التي ذهبت أدراج الرياح دون وجه حق.

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 + 5 =