اخر الاخبار

أخبار عاجلة
الرئيسية / تقارير وتحقيقات / المؤتمر الشعبي العام (الماضي – الحاضر – المستقبل)

المؤتمر الشعبي العام (الماضي – الحاضر – المستقبل)

محمد عـلـي الـعـمـاد*

البذرة الأولى

كانت فكرة تأسيس المؤتمر الشعبي العام للرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي، والتي كانت البذرة الأولى لما أصبح حزب المؤتمر الشعبي العام، حيث اعلن الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي عن عقد أول لقاء للمؤتمر في مدينة الحديدة، وخلال عام 1977م ترأس الرئيس الشهيد عدة اجتماعات للجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام، وكان يتابع بنفسه خطوات الإعداد وإجراءات الاستعداد ويحرص على مشاركة مختلف الشرائح في المؤتمر وأن يكون معبراً عن تطلعات الجماهير اليمنية وتحدث عن هذا المشروع الوطني الذي كان سيمثل الرافعة السياسية للسلطة في تلك الفترة وسيضم عدد كبير من اليمنيين ومن مختلف التوجهات.

تنفيذ الفكرة

مثّل اغتيال الرئيس الشهيد الحمدي والانقلاب على مشروعه الوطني محطة فاصلة بين ما قبل وما بعد، فما بعد كان عبارة عن محاولات السلطة الانقلابية استهداف تاريخ الحمدي وإنجازاته بل ومصادرة أفكاره  ومن ضمنها المؤتمر الشعبي العام، فبعد استشهاد الحمدي ومقتل الغشمي والتصفيات التي تلت ذلك، قرروا الاستمرار بفكرة مشروع الشهيد ابراهيم الحمدي، وعلى ان ينفذ بوثيقة تكون دستور للعمل السياسي لجميع المكونات في الشمال الذي كان عبارة عن تيارات إسلامية وبعثية وناصرية وقبلية وغيرها، وكان لا بد لتلك التيارات المتناقضة أن تتأطر في مشروع جامع لتكون فكرة الرئيس الحمدي اللبنة الأولى لجمعهم، وهذا ما كان قبل الوحدة بين الشطرين.

التحول

استمرارا للخطوات التي كان بدأها الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، تم الاتفاق في 22 مايو 1990م، لإعلان الوحدة بين شطري الوطن، وهو الاتفاق الذي تم بين (على سالم البيض) باسم الجنوب، و(علي عبد الله صالح) باسم الشمال، وبحسب شهادة الشيخ عبدالله الأحمر، فإن (علي عبدالله صالح) طلب منه الخروج من المؤتمر الشعبي العام، وتأسيس مكون ليس لديه أية التزامات تجاه الاتفاقيات مع الجنوب، بهدف استخدامه مستقبلا في حال احتاج لنقض أي اتفاقية مع الجنوب على اعتبار أن هذا المكون لم يكن شريكا في التوقيع على اتفاقية الوحدة، وهذا ما كان سببا رئيسيا في تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح. في المقابل استفرد (علي عبدالله صالح) بـ(المؤتمر) وشذ عن ميثاقه، وحوله من جامع لمشروع اليمنيين إلى مشروع شخصي عائلي، خاصة بعد أن أكمل (صالح) تقليم المؤتمر، فبعد أن أفرغه من القوى الاسلامية والقبيلة، عمل على تفكيك وتفريخ القوى البعثية والناصرية وغيرها من القوى المدنية التي كانت تحت سقف المؤتمر الشعبي العام.

الانحراف

بعد حرب صيف 1994م وانتصار الشمال على الجنوب، شعر (علي صالح) بنشوة الانتصار، خاصة بعد أن كان قد استنزف خصومه في الجنوب والشمال على حد سواء، فمن دفع فاتورة الحرب على كل المستويات سياسيا وعسكريا واجتماعيا، كان (البيض) وميليشياته الاشتراكية، و(الاحمر) وميليشياته القبيلة والإسلامية ، في حين احتفظ (علي صالح) بجميع قياداته، بالإضافة إلى ذلك قام بحل الألوية الجنوبية، وأحال المدنيين إلى التقاعد، وذلك ضمن إجراءات عديدة قام بها بعد الحرب، وكل ذلك تم مخالفة لنهج وميثاق المؤتمر الشعبي العام.

السقوط

وفقا للمعطيات التي فرضت بعد حرب صيف 1994م، فقد استطاع (علي عبدالله صالح) جلب جميع خصومه في الشمال والوسط والجنوب إلى المؤتمر الشعبي العام، لقد استغل صدمتهم بالهزيمة، بالإضافة إلى إيهامهم بأن ما لحق بهم، أمرا خارج عن إرادته، ملقيا بكل المسئولية على عاتق الجناح القبلي والإسلامي المتمثل في الشيخ الأحمر وحزب الإصلاح، وبما أن (صالح) كان قد أغلق كل أبواب العمل السياسي في وجه خصومه السابقين، ولم يترك لهم إلا خيارا واحدا، هو الانضمام إلى (المؤتمر) هذا إن أرادوا أن يكون لهم دورا سياسيا، ولأنه الباب الوحيد، فقد أنظم الناصريين والجنوبيين، حتى اوصلهم إلى رأس هرم المؤتمر، وبحكم سيطرته فقد استطاع وفي أول انتخابات تنظيمية اسقاط المؤسسين ، من خلال تنصيب اعداءهم السابقين بدلا عنهم، ليكون بذلك قد دقع المسمار الأخير في نعش ميثاق المؤتمر.

تغيير الجلد

بعد انتخابات 1997م، استمر (علي عبدالله صالح) في مشروع القضاء على ميثاق المؤتمر، فقد استطاع تقوية نفوذه وأحكم سيطرته على المؤتمر من خلال التخلص ممن تبقى من المؤسسين ذو التوجه البعثي، والذين كانوا المكون الأخير، أو أقوى الضعفاء، وكل ذلك حدث بعد أن وطّد (صالح) علاقاته مع الخليج وبيعه للحدود، لإدراكه بأنه لم يعد هناك مشروعا بعثيا، وشعوره بأن مرحلة ( صدام حسين) لن تدوم في ظل المتغيرات الدولية، الأمر الذي جعله يتحرك لتصفية ما تبقى من القيادات، أكان ذلك بتصفية جسدية أو تصفية سياسية.

ملكية دستورية

في الرابع عشر من ديسمبر 2005 عقد المؤتمر العام السابع للمؤتمر الشعبي العام في مدينة عدن، حيث تم انتخاب الأمانة العامة التي جاءت نتائجها كما أعد لها سلفا، ووفقا للمقاس الذي أراده (علي عبدالله صالح)، ليتم تعميد ذلك، من خلال المؤتمر الاستثنائي الذي عقد في يونيو 2006م، لتبدأ مرحلة الملكية الحزبية، حيث تحول المؤتمر من مؤتمر الميثاق الوطني وفق رؤية المؤسس (الحمدي) وميثاقه الجامع لكل القوى اليمنية إلى مؤتمر لـ(علي صالح) وعائلته، ورجاله، من الأقرباء والأنساب، وهي الحال التي استمر (صالح) في العمل على تجذيرها إلى أن قامت ثورة 11 فبراير 2011م، وهنا انكشف القناع، وظهرت حقيقة العمل التنظيمي للمؤتمر.

ملكية الزعيم

منذ قيام ثورة 11 فبراير 2011م وحتى عام 2014م، شهد المؤتمر الشعبي العام انسحاب معظم القيادات الجنوبية والناصرية وغيرها من القيادات التي دعمها (صالح) لإسقاط مؤسسي ميثاق المؤتمر الشعبي العام، وهو ما جعل (صالح) يلجأ لإعادة القيادات المؤتمرية السابقة، تحت مسرحية انكشاف الحقيقة لـ(الزعيم) الذي أدرك أن تلك القيادات الدخيلة والتي تسببت في خروج القيادات المؤتمرية المؤسسة انكشفت على حقيقتها، فحاول إعادة البعض لسد الفراغ الذي خلفه المنسحبون من جهة، وقطع الطريق على (الحوثي) خشية أن يستقطب البعض الأخر.

ملكية الأسرة

في العام 2015م، وبعد تدخل دول الخليج، وشن الحرب على اليمن واليمنيين، قام (صالح) بتوزيع أسرته، ومن رأى أنهم مخلصين له ممن وقفوا معه ضد ثورة 11 فبراير، قام بتوزيعهم  ما بين (الرياض ودبي وعمان والقاهرة)، وبتوجيه منه تبنت جميع تلك القيادات الحياد، وكأن ما تتعرض له اليمن ليس من شأنهم، فقط انحسرت نشاطاتهم على الأعمال التي تتوافق مع رؤية حكام الخليج وبعض الحكام العرب في تبني مواجهة خطر الإسلام السياسي على المنطقة، وما يشكله (الإخوان المسلمين) الذين ينضوي حزب الإصلاح في اليمن في إطارهم، من خطر على الأنظمة العربية.

كما قدموا أنفسهم في دهاليز الرأسمالية (بريطانيا وأمريكا) بأنهم يخشون من التوسع الروسي الإيراني في اليمن عبر (الحوثيين)، لقد عمل (مؤتمر صالح) على اقناع التحالف والعالم أيضا، بأن اليمن ليس فيها رجال دولة ونظام وقانون إلا هم، ولقد استمروا في جمع وتقديم الاثباتات من خلال اخفاقات الإصلاح الذي أظهروه بأنه لا يستطيع إدارة الدولة إلا من خلال قيادات المؤتمر و(بن دغر) انموذجا، والحال ذاتها مع (الحوثيين)، ومع استمرار (شلة الزعيم) في تقديم العروض، وفشل التحالف السعودي الإماراتي في تحقيق أهدافهم من الحرب على اليمن، عمل حكام الخليج على الدفع بمؤتمر (شلة الزعيم) إلى الواجهة، وبعد أسابيع من الترتيبات، طلب منهم تجاوز الاختبار الأول، المتمثل في انتفاضة (2 ديسمبر 2017)، وهو الاختبار الذي أخفقوا فيه إخفاقا ذريعا، وخرجوا منه بحدث تأريخي سجل هلاك (صالح).

ملكية الخونة

بعد هلاك (صالح)، وجد (مؤتمره المصغر) أنفسهم مطية يسهل ركوبها من أصغر قائد عسكري (سعوديا كان أو إماراتي)، وهو ما ظهر عليه (مؤتمر التحالف) خاصة بعد أن وجدهم قادة التحالف كائنات مطيعة، فاستمروا بدعمهم، في الوقت الذي كان (هادي) يمثل الحجر التي تعيق تحريك الأداة الجديدة، ومن هنا قام التحالف بإعادة تدوير مخلفات المؤتمر بداية من (سلطان البركاني) الذي فرض رئيسا لـ(برلمان التحالف)، ليكون بديلا عن (هادي)، كخطوة أولى، تلاها قيام التحالف بخطوته الثانية المتمثلة في إسقاط ما تبقى من سلطات (هادي) في عدن، وذلك من خلال (المجلس الانتقالي)، وما أن بدأ التحالف تنفيذ خطوته الثالثة (محاصرة مأرب)، هبت رياح المتغيرات الدولية، والتي فرضت على التحالف إيقاف مشروعه مؤقتا، الذي قد يستأنفه متى ما وجد الفرصة مواتية لذلك.

في المقابل قرر (مؤتمر صالح) في صنعاء، أن يضحي بأحد أجنحته، في محاولة منه طمأنة (الحوثيين)، ولإثبات ذلك لـ(الحوثيين) فقد قرر الوقوف ضد أي شخص يقاتل مع التحالف فقط، وهذا بهدف التمويه عن مشاركته في المخطط الذي يحيكه التحالف، وهذا ما يتأكد في أن (مؤتمر صنعاء) لم يتخلى عمن تستخدمهم وتعيد تدويرهم (أبوظبي) و(الرياض) كبديل قادم من الخارج يحمل جينات (مؤتمر التحالف)، ولأن المخطط واحد، والهدف واحد، فإن من يتم إعادة تدويرهم يتم تعيينهم على رأس مؤسسات المؤتمر الشعبي العام بصنعاء، وهذا لا يتم إلا بإذن من التحالف.

ومن أجل التغطية أكثر على اللعبة التي يشارك فيها (مؤتمر صنعاء)، فإنه لا بد أيضا، من تقديم دليل قوي لـ(الحوثيين)، يبعدهم عن مخطط (مؤتمر التحالف)، وهذا ما يعني أن يجب التضحية بـ(طارق عفاش)، وهذا الجناح لم يتم التضحية به إلا بعد أدرك التحالف أنه غير فاعل وأن لا حاجة له نظرا للمتغيرات الجديدة، التي تؤكد أن مرحلة المؤتمر العسكري انتهى، وبات ورقة محروقة، لذلك فإنه بتوجيه من التحالف يقوم (مؤتمر صنعاء) بالتضحية بـ(طارق عفاش)، وهو الذي كان إلى وقت قريب يجند له، ويبذل الوساطات لإخراج مقاتلين طارق من السجون بصنعاء، ولقد استمروا في عملهم هذا، وبلعوا ألسنتهم إلى أن تقدم (طارق عفاش) إلى الحديدة، لذلك فإن تخليهم اليوم عنه يأتي وفقا لما يرسمه لهم التحالف وذلك وفقا للمتغيرات الاستراتيجية.

ملكية العملاء

اليوم، وبعد أن أعلن (مؤتمر صنعاء) تخليه عن (طارق عفاش) يحاول تتبنى خطابا جديدا، ولغة مسمومة، حيث جعل من الوطنية شعارا، في محاولة منه تبني قضايا الدفاع عن الوطن، ليس في جبهات القتال ومواجهة الغزاة والمحتلين، ولكن عبر تأسيس منظمات، وهيئات، وحكومات ظل وشباب، وفعاليات، توحي جميع أنشطتها بأنهم يواجهون العدوان، وهي محاولة منهم الإثبات بأنهم كـ(مؤتمر) هم من يدافع عن الوطن، ووسط هذا الكم الهائل من الأنشطة يقومون بتسويق خطابهم وأطروحاتهم، وعلى سبيل المثال ( أحمد ليس طارق)، فـ(طارق) خائن، أما (أحمد) فهو معتقل، وموقفه يختلف كليا عن طارق، أحمد وطني ويحب الوطن، ولولا أنه معتقل في أبوظبي لسمعتم منه كلاما أخر.. وهي الأسطوانة المشروخة التي سيظلون يرددونها ولن تتوقف أنشطتهم وخطاباتهم التسويقية عند هذا الحد، إذ سيرتفع سقفها مع الأيام، وما هذه إلا مقبلات تسبق المطالبة بـ(المصالحة الوطنية) و(العفو العام) التي تتوافق مع رغباتهم ومصالحهم، وبما يمكنهم من إعادة جميع المؤتمريين كـ(القربي، البركاني..) إلى مبنى اللجنة الدائمة والأمانة العامة.

مؤتمر التحالف

يبدو أن تساهل أنصار الله على مواقف (مؤتمر صنعاء) الشاذة، سيكلفهم الكثير، فما يقوم به (مؤتمر صنعاء) وما يصدر عنه من مواقف لا تنطلي حتى على من هم سنة أولى ابتدائي، وإن لم يتحرك أنصار الله، ويضعوا حدا لهذه المهازل، سيجدون أنفسهم في قعر بئر سحيق..

من المستحيلات أن يكون هناك عاقلا على هذه المعمورة يعتقد بوجود عينات لـ(الخائن الوطني) و(المضحّي العميل).. وما يفترض على (أنصار الله) هو أن يفيقوا من سباتهم ويدركوا ما يحاك ضدهم، وسبق أن عاشوا تجربة مماثلة وشربوا كأسا مرا من ذات الجهة، ويكفي عليهم ان يدركوا أن المرحلة الحالية وما بعدها ستكون أكثر صعوبة من ذي قبل، وبمعنى أن أنصار الله إن لم يتداركوا للأمر مبكرا، فإن من ضمن ما يخطط ضدهم هو رسم صورة نمطية لدى المجتمع اليمني بأنهم عدو، وسبب كل ما يحدث للبلاد، وسيعمل (مؤتمر التحالف) على ارباك الوضع من خلال افتعال فوضى فكرية وإعلامية لخلط الأوراق، في محاولة منهم لاستغلال الحالة الصعبة التي وصل إليها الشعب، والتي باتت تتعدى حدود الصبر، وبالتزامن مع هذه الفوضى سيخرجون للمطالبة بانتخابات برلمانية ورئاسية، ولأن الشعب لم يعد يهمه من يحكمه، وبات هدفه الأول والأخير هو توقف الصراع والحرب، وقد يقبلون بأن يحكم اليمن اي طرف في ظل هذه الظروف، فما بالك بـ(يمني يدعي الصمود) لكنه سيضمن لهم عودة الراتب.

ورغم أن الانتخابات هي مطلب الجميع، ولكن يجب أن لا يتم العمل بها إلا بعد مرحلة انتقالية تعيد الانسجام المجتمعي، وتنفذ مخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها، أما أن يتم العودة إلى سجلات وقوانين (عفاش) ونظامه البائد، فهي جريمة بحق الشعب والقوى السياسية وبحق الديمقراطية، فـ(عفاش) ونظامه البائد، هو من باع سيادة البلاد، وزرع الأحقاد بين أبناء الوطن الواحد، وأشعل الفتن والحروب، وكل ذلك من أجل أن يمدد حكمه الذي وصل إلى مرحلة التوريث لنجل (عفاش)، وكل ذلك كان يتم التخطيط له تحت غطاء الانتخابات والقوانين الدستورية الموجودة والمفصلة وفقا لرؤية (عفاش)، ولهذا فإن من المفترض أن يكون الجميع حذرين وأن يدركوا بان لا فرق بين المخزون والخازن، وسيبقى الفرق فقط بين (مؤتمر الميثاق الوطني) الذي اختطه (الشهيد الحمدي) وبين (مؤتمر عفاش ومخزونه).

*رئيس شبكة الهوية الاعلامية

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

6 + 15 =