اخر الاخبار

أخبار عاجلة
الرئيسية / كتابات / الدِّراما العربية إغراء وليس فن

الدِّراما العربية إغراء وليس فن

 

المرصد/ كتب : أشرف الصوفي

 

الدِّراما هي هويةُ كُل شعبٍ من الشعوب، فالدِّراما تعكس ثقافةَ المجتمع، وقد تخلق ثقافةً جديدة في المجتمع، قد تبني قِيَمًا، وقد تهدم قيمًا، و لا يختلفُ اثنان في أنَّ الدِّراما تستطيع أن تُغير من سلوكِ وطبائِع المرء، لاسيما وإن كانت هذهِ الدِّراما قائمة على ركائز أصيلة ومعايير نبيلة وقوانين رصينة.

يمكن للدِّراما أن تقوم  بتحويلِ مجتمع من المجتمعاتِ إلى مجتمعٍ تسود فيهِ فضائُل الأخلاق، عن طريقِ الرسائل الهادفة والمحتوى الجيد، ويمكنها في نفسِ الوقت أن تحولَ مجتمعٍ من المجتمعاتِ إلى مجتمعٍ تسود فيهِ الرذيلة، والعنف، وتنعدم فيهِ الأخلاق..

ذلكَ يأتي تبعاً لما قد تحتويه هذهِ الدِّراما، من أهداف تريد تحقيقها في وسط المجتمع الذي تُريدالتأثير عليه..

 

الدِّراما العربية ماذا قدمت للمشاهد العربي؟!!

 

لم توفق الدِّراما العربية -إن أحسنا الظن- في معالجةِ الانحرافات السلوكية والأخلاقية في المجتمعات العربية بل ساهمت في الترويجِ لها..في حين لم تقدم للمُشاهد العربي أي فائدة تذكر من خلالِ محتوياتها القائمة على التقليد الأعمى، للمحتويات الغربية، متناسين حجم الإختلافات بين عاداتِ، وثقافاتِ، وطبائع، وهوية، الشعوب العربية، والتي وإن اتفقت مع الدِّراما الغربيةُ نوعا، وجودة، فهي لن تتفق معها مضمونا، وفكرة..

ومن الأخطاء الجسيمة التي ترتكبها الدِّراما العربية، عاماً بعد عام، هي أنَّها تعاملت مع المجتمع العربي، كمجتمع شهواني، لن يقبل أيُ محتوى درامي إن لم يكن قائما على المشاهد الفاضحة، ولقطات الإثارة والإغراء، ومن خلال هذه الدِّراما المُشَوِهَةُ للمُجتمعِ العربي، نُقلت هذه الصورة الخاطئةُ عن المجتمعات العربية، حيث قدمت  الثري الخليجي  كرجل ساذج يرتاد الملاهي الليلية من أجل إقامة علاقة غير مشروعة مع فتاة ليل أو راقصة لعوب، مثلما ظهر أيضا كفريسة يمكن اقتناصها عن طريق نصاب بسيط،

وقدمت المجتمع المصري على  أنهَّ مجتمع يسبح في العِشق والغرامِ، والرقصِ والهُيام، وأنَّه لايمكن إنشاء أي علاقة غرامية، إن لم تكن قائمة على الأفعال المخلة بالآداب، وأظهرت المرأة العربية، في ثوب المرأة الضعيفة، الخانعة لسلطة الرجل، أو تصويرها في إطار الجرأة والإغراء.

وينتشر في المسلسلاتِ العربية مشاهد المُمارسات الشاذة و”شبكات الآداب” و”فتيات الليل” والعلاقات داخل “الملاهي الليلية” وبصورة مقززة.. ولوحظ في السنوات الماضية (بالذات في رمضان موسم المسلسلات) ارتفاع ملموس في المشاهد الفاضحة والعلاقات المحرمة والشذوذ الجنسي.

ليس هذا فحسب، بل أنَّ قصَّات شعر الممثلين، ونوعية الملابس وبعض الحركات غير اللائقة، والعلاقات الغرامية التي تتميَّز بها هذه المسلسلات – تشرَّبها بعضُ المشاهدين، وانعكس ما شاهدوه على أنشطتهم اليوميَّة أسوة بقدوتهم ومعشوقيهم نجوم الدراما العربية، وقد لا أكون مخطئًا إذا قلت: إنَّ هذه الرسائل مقصودة، والهدف منها جَرُّ المجتمع إلى مستنقَعِ الانحلال الأخلاقي الذي غرقَتْ فيه الدولُ الغربية، ولا زالت تُعاني حتى اليوم من تفكُّك النسيج الأُسري والاجتماعي.

وإِذا عُدنا إلى الأسباب التي جعلت الدِّراما العربية، تتجه في هذا الإِتجاة، لوجدنا أن الدِّراما العربية لايخلوا أي عمل من أعمال السنوات الأخيرة فيها، من تدخُّلات المنتجين، وتحويل مسار الرواية المُعدة للإنتاج التلفزيوني. وذلك بما يتناسب مع رؤية المنتجين أنفسهم، ولو جاءت هذه الرؤية بعيدةً عن الواقع، أو تصوُّر الكاتب الحقيقي لشخصيات الرواية وأحداثها، بالإضافة إلى معاناة الدِّراما العربية من الكثير من النزاعات بين المنتج وكاتب الرواية على الرؤية الكفيلة بتسويق أو نجاح المسلسل الذين يعملون عليه، ولايقتصر فشل الدراما على هذه الأسباب فحسب، بل أن هيمنة شركات الإنتاج والتي تُفضل أن تبقى الرواية مرتبطةً بسياقات التسويق والإثارة، مما جعل الدِّراما العربية، تفتقر لأدنى معايير الترابط بين خيوط الرواية، وتم إعدام الدِّراما العربية في فصولٍ تعتمد على شهوة المعجبين بالسطحية، وليس على ميول المثقفين أو حتى النّاس العاديين المهتمين برسم صورة جديدة وواقعية عن الدِّراما العربية

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

2 + 7 =