اخر الاخبار

أخبار عاجلة
الرئيسية / كتابات / أهل مكة أجهل بشعابها …!

أهل مكة أجهل بشعابها …!

المرصد نيوز : بقلم /فاروق مريش

كارثية المشهد وقبح المخرج ودناءة الأبطال .. هكذا استطعت تلخيص فيلم السياسة وواقعنا المعاصر .

لاقيت إنتقاداً كبيرا وتهكماً أكبر من بعض من يسمون أنفسهم متابعين ومحللين حين كنت أتحدث ذات منشور قبل أعوام عن مفهوم الجدلية التاريخية أو الديالكتيكية التي أسميتها ( لعبة الكيرم ) التي تحدث عنها الفيلسوف والمفكر أبو حامد الغزالي وأيدها الفيلسوف هيجل وسار على إثرها ماركس وهو يؤصل للشيوعية والتناقض الطبقي الذي ينتج عنه ثورات شعبية عمالية مدعومة بأجهزة قمعية تتخلق بداخلها أجنة مشوهة .

السياسة لا تفهم من خلال الجزيرة والعربية أو التلفاز والموبايل ، السياسي إن لم يغوص في نظريات الفكر والفلسفة وعلم النفس وما يسمى بالجغرافيا السياسية ويتعرف على التناقضات المحيطة به ويجيد استثمارها لمصلحة مشروعه فإنه سيكتشف ذات يوم أنه أصبح جزءاً من مشروع الآخرين .

فمثلاً اللطمات التي يتعرض لها التيار الحركي الإسلامي في دول مختلفة ناتجة عن جهل في الفكر السياسي وحسن نوايا مدعمة بأدلة شرعية تم تفسيرها بحسب الآمال وليس الوقائع ..

حشد السبعين الذي لم يسبق له مثيل في ذكرى ٢٤ أغسطس كان هو المفصل الأهم للتغيرات التي ظهرت وستظهر بشكل أوضح في طبيعة التوتر القائم بين المؤتمر والحوثي ، وهذا التغير كان ناجماً عن ضغط من قبل المخرج الخارجي الذي يتحكم بالزناد ليكون المشهد باهتاً في خطاب صالح في ذلك اليوم .

يومها عرف الجميع أن ورقة صالح قد سقطت إلى غير رجعة ، لكن لن يكون الخروج بهذا السلام ، وما زيارة الفريق الطبي الروسي الأخير وما صاحبها من تيسير وغموض إلا تأكيداً على هذا المفهوم .

تتزامن زيارة سلمان لبوتين مع أحداث مهمة ومتسارعة ، فبين استفتاء الأكراد وتقارب تركيا وإيران ، واحتفال ١٤ أكتوبر ( الانفاصالي ) ، والحالة القلقة التي يظهرها إعلام المؤتمر وخطاب حسن نصر الله الذي تتحرك جماهير شيعته في المملكة كبؤر انفجارية متكتلة في الأطراف والوسط ومستعدة لساعة الصفر .. بين كل هذه التقلبات والمتغيرات هناك خيط رفيع يربط كل هذه التناقضات أوله عند ( صالح ) وآخره عند ( مسعود ) .

الأتراك يجرون لثقب أسود كما جرت السعودية حلفاءها لذات الثقب .. ما يحدث في الكون نجد له تفسيرات مشابهة في السياسة .

ما حذر منه ابن خلدون وناضل من أجل إحقاقه أبو الحسن الهمداني هاهو اليوم شاهداً على مأساة واق الواق التي سطرها الزبيري ولبوزة والنعمان ورفاقهم .

سيرحل صالح ولكنها الكارثة التي اقرأها منذ سنين ، البعض عيشته مصيبة وميتته كارثة وهكذا هي لعنة السامري حين تحل بقوم .

أكرر مباركتي واعترافي بدولة الأكراد ودولة الجنوب العربي قبل إسرائيل ، ولكني أتحسر على أهل مكة الذين لم يعرفوا شعابها .

الخيوط متشابكة ومتداخلة جداً لكنها مفهومة لمن يلاحظ ويستقرئ منابعها الأولى وارتباطاتها المذهبية والعرقية والطائفية ، هناك سيدرك أن رقعة شطرنج قد وضعت منذ زمن وما تموقعنا عليها إلا كأحجار يحركها اللاعبون الأصدقاء .

الديالكتيكية وسأكررها ألف مرة لمن يريد الفهم ومن لا يريد فليعش في بلادته ، هي فكرة ترتكز على التناقض الذي يتولد عن مبدأ البرجماتية ( الواقعية ) ، الذي يجعل من الذرائعية طريقاً لإيجاد حواضن شعبية مؤيدة لكل فكرة منطقية أو غير منطقية .

الرجل الذي يلعب بخارطة الشرق الأوسط منذ أكثر من ٤٠ عاماً رحل روحاً ولم نتأكد بعد من جسده الذي لم يعد فاعلاً .. والأمر كلله لله من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله .

ويقولون متى هو ؟

قل عسى أن يكون قريباً .

معطيات موجودة نقرأها وفق امكاناتنا البشرية ونوقن بأنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .

وكما يؤكد قانون نيوتن :

( لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه ) .

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

سبعة عشر − خمسة =