اخر الاخبار

أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / قطع الطرقات .. ثقافات مغلوطة وانهيار قيمي وأخلاقي

قطع الطرقات .. ثقافات مغلوطة وانهيار قيمي وأخلاقي

زمن التفاهة(3)

المرصد – بقلم – حسن الوريث

 

سنعاود اليوم سلسلة زمن التفاهة التي بدأناها وتحدثنا في حلقتها الأولى بشكل عام عن نظام التفاهة في المجتمعات وكيف وصلنا إلى هذا الوضع الكارثي من تفاهة وتسطيح العقول للسيطرة على المجتمعات فيما تحدثنا في الحلقة الثانية عن ذلك التافه المومري الذي يعتبر أكبر مثل ودليل على نظام وزمن التفاهة اما هذه الحلقة الثالثة فسنتحدث فيها عن ثقافات مغلوطة في مجتمعنا حيث وصل الامر إلى درجة أنها صارت سلوكيات مبررة رغم أنها بعيدة عن القيم والمبادئ والمثل الأخلاقية والدينية وقيم وعادات الشعب اليمني.

على مدى عشرات السنوات تجذرت في المجتمع اليمني ثقافات مغلوطة وأصبحت جزء لا يتجزأ من أخلاقه رغم أنها ثقافات ليست مسينة لنا ولعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا الدينية فقط ولكنها مشينة وبعيدة كل البعد عن القيم والأخلاق .

طبعا واحدة من هذه الثقافات المغلوطة تتمثل في قطع الطرقات على الناس فمن لديه عرس يضع خيمته وسط الشارع ويقطعه ويمنع الناس من المرور فيه رغم انه شارع عام والحجة والمبرر الفرحة بالعرس ولو على حساب الناس والشارع والقيم والأخلاق ومن لديه موت يضع خيمته وسط الشارع متحديا للجميع ومن لديه موقف قبلي فإن قطع الشارع ونصب الخيمة للمدعوين هو اقل شيء وطبعا كانت ومازالت ظاهرة إغلاق الشوارع من قبل المشايخ تتحدى كل شيء فالساكنين بجوار المشايخ وانا منهم تغلق الشوارع امامهم من التاسعة مساء الى التاسعة صباحا ولا احد يجرؤ على الاعتراض لان مصيره سيكون الإهانة اقل شيء اذا لم يكن شيء آخر وبصمت رهيب من كافة أجهزة الدولة والحكومة .

طبعا لم يجرؤ الناس على قطع الشوارع بالخيام في مناسباتهم إلا بعد أن شاهدوا الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية تغلق الشوارع المحيطة بها والأرصفة وتضع الخراسانات إلى منتصف الشارع بشكل يستفز مشاعر الناس وبعض الوزارات تجبر السيارات على السير في طريق واحد لاتجاهين مختلفين لان الشارع الآخر مغلق من قبلهم وتزداد الصعوبة إذا كان بيتك أو محل عملك بجوار مقرات وزارات الدفاع والداخلية والاتصالات ومجلس النواب والمعسكرات واقسام الشرطة ومنازل المسئولين والمشايخ والشخصيات الاجتماعية مما يجعلك تكره اليوم الذي سكنت فيه بجوار مصلحة حكومية أو شيخ أو مسئول .

بالتأكيد أن التصرفات الحكومية ومن المشايخ والمسئولين بقطع الشوارع على المواطنين البسطاء انعكست على أصحاب المحلات التجارية ومعارض السيارات والملابس وأسواق القات وكذا أصحاب السيارات الذين يوقفون سياراتهم فوق الأرصفة وفي كل مكان إلى درجة أنها تصل إلى نصف الشارع وقد وصل الحال بالبعض الى ان يبيع ويشتري في وسط الشارع ومواقف السيارات في كافة المدن اكبر دليل على هذه الثقافة التي صارت جزء من تفكير المجتمع اذ ليس هناك ما يردعهم لا قانون ولا قيم وأخلاق اما الدراجات النارية فان كارثتها كارثة فهي تقف دون مراعاة أخلاق أو قيم بل ان أصحاب الدراجات النارية يتصرفون بتصرفات خارجة عن الاخلاق والقيم والقوانين وكل شيء ومن يشاهد شوارعنا لاشك يصاب بالألم والحسرة ليس على بلدنا فقط ولكن على الاخلاق والقيم والدين والى أين وصل مجتمعنا من انحطاط ثقافي وقيمي وأخلاقي.

مما لاشك فيه ان كل هذه الثقافات والتصرفات والانحطاط جاءت نتاج عشرات السنوات من العمل الممنهح والمنظم والتخريب لمنظومة التعليم والقيم الدينية وانهيار منظومة القوانين والتشريعات وإيصال المجتمع إلى هذه المرحلة ليكون جزء من نظام التفاهة الذي تحدث عنه الكاتب الكندي الان دونو و تجسده الوقائع على الأرض وأهمها غرس ثقافات مغلوطة بعيدة عن القيم والأخلاق العامة لتصبح هي السائدة ومن يعارضها يصفه المجتمع بالجنون وانه خارج عن الزمن وسيكون لنا في هذه السلسلة وقفات للحديث عن ثقافات مغلوطة كثيرة جدا صارت جزء لا يتجزأ من تفكيرنا وصرنا ننظر اليها بانه طبيعية رغم انها ابعد ماتكون عن القيم والمبادئ والمثل والاخلاق وفي نهاية المطاف فإن هذا النظام العالمي فعلا يقودنا إلى الانحطاط الأخلاقي والنفسي والمادي والاجتماعي .. فهل يمكن أن نعمل على استعادة هويتنا الحضارية اليمنية والايمانية أم اننا أصبحنا كمجتمع جزء من هذا النظام العالمي للتفاهة؟ .

نتمنى أن تكون هناك خطة متكاملة للقضاء على هذه الظاهرة التي صارت تؤرق المجتمع والبداية من قرارات حكومية بإزالة كافة مظاهر قطع الطرقات والشوارع من قبل الأجهزة الحكومية وفتحها أمام الناس ومنع المشايخ والشخصيات الاجتماعية والمسئولين والوزراء من إقامة الحواجز في منازلهم إغلاقها أمام المواطنين حتى نشعر بوجود الدولة وايضا توجيه السلطات المحلية بإصدار قرار بمنع إقامة خيام المناسبات في وسط الشوارع حتى لو كانت تجلب رسوم لها وكذا وضع حد لتلك المظاهر التي نشاهدها وتحدثنا عنها من وقوف السيارات و المركبات في الشوارع وعدم استخدام الأرصفة من قبل أصحاب المنشأت والمعارض والدراجات النارية وكذا تفعيل دور وسائل الإعلام وخطباء المساجد في التوعية باضرار وسلبيات هذه الثقافات وان تكون أيضا ضمن مناهج التعليم بكافة مراحله لنسهم في تغيير ثقافة المجتمع إلى الأفضل بدلا من هذه الثقافات المغلوطة.

مازلنا نستقبل مقترحاتكم حول مواضيع هذه السلسلة .. زمن التفاهة .. لتكون المواضيع نابعة من الواقع ومن معاناة الناس وما يلاحظونه ويلمسونه .

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × واحد =