اخر الاخبار

أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / من كسَّر جبَّر*

من كسَّر جبَّر*

 

*من كسَّر جبَّر

المرصدنيوز / فاروق مريش

الجزء الأول 1

بعد أن دفع أجرة الباص ، اتجه إلى الجهة المقابلة مسرعاً ؛ ليصل إلى وظيفته قبل موعد رفع حافظة الدوام ، ولم يكن حظه سعيداً في ذلك الصباح عندما ارتطم برجله سائق دراجة نارية يسير بشكل معاكس .
هرع إليه سائق الدرجة النارية وهو يرتجف من الخوف : ” سلامات يا أستاذ ، سلامات يا أستاذ “.
– اش من سلامات ، وين عيونك الله يشلك !
– والله ما شفتك ، أنت نزلت من الباص وجريت تقطع الشارع .. والله العظيم ما شفتك .
– دلاااااااا على يدددددي . وهو يصرخ بصوت غاضب ، ودموعه توشك أن تقفز .
– سلامات يا أستاذ سلامات ، بسعفك لأقرب مركز طبي قريب .
– بتسعفني بالمتر حقك يا نذل ! وقف تاكس أو باص يمددوني داخله وشلني لمستشفى الأمان الدولي .. هيا سريع .
– وسط حيرة من الشاب صاحب الدراجة النارية . ها .. مستشفى الأمان الدولي ! طيب طيب حاضر ، قال متمتماً : ” يا الله حلها من عندك ” .

وصل أهل الأستاذ إلى المستشفى يسألون عن صاحب الدراجة النارية وكادوا أن يبرحوه ضرباً ، لولا تدخل رجال الأمن ، وهو يدافع عن نفسه ويقول : يا جماعة والله ما هو قصد وقد سلم الله على صاحبكم وإن شاء الله بتطلع نتيجة الكشافة المقطعية وبيقع كل خير .
– اش من خير وقد الآدمي مكسر ومدقدق والله أعلم كم بيرقد بالمستشفى ! قال ولده الأكبر .
– قدر الله وما شاء فعل ، أنا خرجت من الحارة لشارع تعز وما شفته حين نزل من فوق الباص ، وما دريت إلا …
– قاطعه : أنت من شكلك تبان أنك سكران ، لكن سهل خلي الوالد يبخر وبعدين لنا خبر .
– قالت أمه : مش وقت الصياح يا ولدي ، يعالج أبوك ويدبر مصاريف المستشفى ، والمثل يقول : ” من كسَّر ، جبَّر “.
أجرى اتصالاته ليحضر ضمانة تجارية إلى إدارة المستشفى ؛ حتى تُستكمل إجراءات عملية صغرى ومبسطة في الكتف الأيسر للأستاذ .

بعد الانتهاء من العملية وإدخاله إلى الغرفة الخاصة به في المستشفى بحسب طلب أبنائه ، حاول صاحب الدراجة النارية أن يطلب من الأستاذ وأهله التوقيع على ورقة التنازل بسبب الحادث العارض الذي لم يتسبب به عن قصد وتعمد .
نهره الجميع وطلبوا أن يكمل دفع مصاريف المستشفى من فحوصات ومجارحة ومعاينة ورقود ، وأنهم لن يوقعوا على أي ورقة تنازل حتى يستعيد والدهم عافيته .
في المساء ، عاد إلى منزله منكساً رأسه ، وهو يحدث نفسه بتحسر لو لم يسعفه ولاذ بنفسه بالفرار .. أمه المريضة والتزاماته اليومية تجاه أسرته يرقبون عودته كل مساء . زادت حكايته أوجاعهم وجوعهم .

استيقظ في الصباح الباكر على رسالة نصية : ” وينك يا محترم ! ادّي معك بيض بلدي وحليب كبير ، واشتري كوارع ولحم غنمي غداء للوالد ، وتعال حاسب قيمة المهدئات والمضادات الحيوية ، قالت إدارة المستشفى بيخرجوه اليوم قلنا لهم زيدوا يوم احتياط علشان نطمن “.

أخذت والدته المسكينة بصيرة مسكنهم وحيلتهم الوحيدة في الدنيا ؛ لترهنها بمليون ريال عند زوج أختها الذي يعمل كتاجر مصرفي .

تنفس الصعداء حين خرج الأستاذ من المستشفى وعاد إلى منزله ، ذهب هو ووالدته محملين أصناف الفواكه والعصائر والتمر لزيارتهم والخروج منهم بورقة التنازل .
استقبلتهم الأم من الباب وأخذت منهم الهدية واعتذرت عن استقبالهم ؛ كون زوجها يحتاج لراحة أكبر ولا يتحمل الزائرين خلال الأيام القليلة القادمة .

– طيب يا خالة لو سمحتي كلمي زوجك وأولادك نشتي ورقة التنازل .
– أنت حسك عند ورقة التنازل ، ليش مستعجل عليها ليش ؟ مش المفروض أنك تجبر كل الضرر اللي تسببت به ؟
– قد جبرنا وعالجنا ودفعنا لآخر ريال . قالت الأم .
– خير خير يا آخر ريال . الدنيا مش هي لعبة . تمام عيروحوا العيال واخليهم يتواصلوا بك .

يتبع …. الجزء الثاني 2

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

13 − 7 =