اخر الاخبار

أخبار عاجلة
الرئيسية / اخبار دولية / صحيفة “لو دوفوار” : بات من الواضح أن التدخل السعودي والأمريكي في اليمن كان خطأً فادحاً.

صحيفة “لو دوفوار” : بات من الواضح أن التدخل السعودي والأمريكي في اليمن كان خطأً فادحاً.

ترجمة: محمد السياري: المرصد نيوز :

أبان الفترة التي كان الرئيس الأميركي الحالي، دونالد ترامب، يروج فيها لحملته الانتخابية، كان يعمد دون كلل أو ملل إلى التنديد والإستهجان من المغامرات العسكرية المكلفة التي تسبب الرئيسين السابقين، باراك أوباما وجورج دبليو بوش على حد سواء، في جر الولايات المتحدة الأميركية إلى غياهبها. وبالرغم من ذلك فقد سارع هو الآخر منذ اللحظة التي وصل فيها إلى البيت الأبيض إلى حذو حذوهم ليشرع في مسيرة حرب ضد الإرهاب معتمداً بصورة كلية على استخدام القوة العسكرية.

جوليان توراي|صحيفة “لو دوفوار” الكندية:

إعتباراً من تأريخ 20 يناير 2017، بدأت القوات الأميركية بالرفع من وتيرة العمليات العسكرية التي تقوم بها في كلاً من سورية والعراق واليمن، ومن المتوقع بشدة أن تعتمد ذلك كنهج لها في أفغانستان في القريب العاجل. وفي هذا السياق، نجد أن الرئيس ترامب قد قرر أن يغض الطرف ليتم بذلك التخفيف من قواعد الاشتباك المتعلقة بعمليات القصف الجوي، الأمر الذي يحمل أشارة قوية إلى أنه سيتم التكثيف من عمليات القوات الخاصة وغارات الطائرات ذات التحكم عن بعد.

وفقاً للحسابات التي قام بنشرها الباحث بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي والخبير في مجال السياسة الخارجية والأمن القومي، ميكا زينكو، فقد أعطى الرئيس الأسبق، باراك أوباما، الأذن بتنفيذ 542 عملية عسكرية من هذا النوع في غضون ثمانية أعوام من رئاسته، أي بما يعادل عملية واحدة كل خمسة أيام وأربع ساعات؛ وفي المقابل من ذلك، كان الرئيس ترامب من مكتبة في البيت الأبيض قد أعطى الضوء الأخضر بتنفيذ 37 عملية، أي بمعدل عملية واحدة كل يوم وثماني ساعات، في فترة لا تزيد كثيراً عن شهرين.

إرث أوباما المظلم:

على ما يبدو أن منطقة اليمن، التي قتل فيها أول جندي أميركي في ظل حكم ترامب في 29 يناير الماضي، هي المسرح المفضل لنشاط القوات الاميركية المتنامي. وهذا في واقع الأمر ليس بالشيء الجديد: حيث أنَ الرئيس أوباما كان أذن بتنفيذ 160 عملية قصف جوي قامت بها طائرات بدون طيار بين عامي 2009 و2016 في نفس المنطقة؛ فضلاً عن أنه في 25 مارس 2015 قدم دعم عسكري ولوجستي كبيرين للحملة العسكرية التي قامت بها قوات التحالف العربي في البلاد بقيادة المملكة العربية السعودية.

من ناحية أخرى، كانت الرياض بررت إقدامها على الدخول العسكري في نطاق سيادة جارتها اليمنية كاشفة عن أثنين من الأهداف الجوهرية بالنسبة لها: إستعادة زمام الحكم وتسليمه للرئيس اليمني الشرعي، عبدربه منصور هادي، وقمع وإخماد التمرد الذي قام به الحوثيون.

بالنسبة لإدارة أوباما التي كانت آنذاك منهمكة كلياً في إتمام عملية التفاوض بشأن النووي الإيراني، من المفترض أن يكون الدعم الأميركي لذلك التدخل العسكري مؤشراً واضحاً للدول السنية في المنطقة على إستدامة ورسوخ علاقات التحالف بينها وبين واشنطن؛ من زاوية أخرى، كان ذلك التدخل بمثابة فرصة مواتية لضرب واحدة من أكثر الجماعات الإرهابية أقلاقاً للقيادة الأميركية، ألا وهي تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وبمرور عامين على إندلاع الحرب، بات من الواضح أنَ التدخل العسكري السعودي في اليمن كان خطأ فادح: فلا يزال الرئيس هادي يقيم في المنفى بشكل دائم تقريباً في حين يسيطر الحوثيون على مساحات واسعة من المناطق الحضرية في جنوب البلاد؛ أضف إلى ذلك أنَ صفوف مقاتلي تنظيم القاعدة في شبة الجزيرة العربية تنامت بشكل ملحوظ لتنتقل من 1000 مقاتل في العام 2014 إلى 4000 مقاتل في العام 2016، وفقاً للبيانات الصادرة عن وزارة الخارجية الأميركية. من جانب آخر، وجدت الولايات المتحدة الأميركية نفسها متورطة في صراع لا معالم واضحة لنهايته؛ والأسوأ من ذلك، أنها تبدو وكأنها متواطئة في انتهاكات للقانون الدولية لحقوق الإنسان وجرائم حرب ضد الإنسانية؛ وهذا ما وثقته منظمة الأمم المتحدة في يناير الماضي في تقرير من عشرة أجزاء؛ ثم وقعت الحادثة الأشد مأساوية في 8 أكتوبر 2016، اليوم الذي قصفت فيه الطائرات السعودية مجلس عزاء، ليسقط على إثر ذلك 827 من المدنيين بين قتيل وجريح.

حرب لا أفق لها:

من المسلم به جدلاً أنَ قوات الجيش الاميركي لم تقدم على أي نشاط ميداني مباشر في أرض المعركة؛ ولكن يبقى الأمر المتفق عليه أنَ واشنطن ساهمت إلى حدٍ كبير من خلال تقديم المعلومات الاستخباراتية والأسلحة (بما في ذلك القنابل العنقودية) وكذلك العمليات الجوية لتزويد طائرات التحالف بالوقود. وعقب الحادثة التي وقعت في 8 أكتوبر الماضي، عمدت إدارة أوباما إلى فرض قيود جديدة وإرجاء موعد تسليم شحنات الأسلحة إلى الحليف السعودي. وبالرغم من الانتقادات الشديدة التي أطلقها وزير الخارجية السابق، جون كيري، في ديسمبر الماضي، إلا أنه من المرجح أن يتم رفع تلك القيود من قبل الإدارة الجديدة بقيادة ترامب فضلاً عن أستأناف عمليات تسليم شحنات الأسلحة في القريب العاجل.

إنَ الدافع الذي يحمل الرئيس ترامب على مواصلة التعاون مع المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالصراع الدائر في اليمن يختلف بعض الشيء عما يخص الرئيس السابق له؛ حيث أنه أبدى في حقيقة الأمر أنتقادات شديدة اللهجة تجاه الاتفاق المبرم مع إيران بشأن برنامجها النووي، ووعد أيضاً بأن يكون أكثر حزماً من سلفه تجاه طهران. من جانبٍ آخر، هو ينظر إلى الصراع الحاصل في اليمن من منظور مكافحة الإرهاب، ذلك الكفاح الذي لطالما تعهد بالإلتزام به بشدة وصرامة وعدوانية.

(الترجمة خاصة بموقع المراسل نت ويرجى التنويه لذلك في حال الاقتباس أو إعادة النشر وكذلك المصدر)

ولطالما كان ذلك هو النهج الحقيقي المتبع في السياسة الأميركية منذ حادثة 11 سبتمبر 2001 في واشنطن. حيث يرى كلاً من الجمهوريين والديمقراطيين على حدٍ سواء أنَ مسألة مكافحة الإرهاب تستلزم التعامل بمنهجية عسكرية لا أستثناء ولا رحمة فيها. وبالرغم من أتساع نفوذ القوة العسكرية الأميركية وكثافة عملياتها في بلدان لم تكن الولايات المتحدة الأميركية في  حالة حرب رسمية فيها (مثل باكستان واليمن والصومال)، إلا أنَ ذلك النهج لم يتمكن قط من أستأصال الإرهاب “الإسلامي”.

وبعيداً عن قضايا الصارع من أجل الحكم في منطقة الشرق الأوسط، وبعيداً عن التفكير أو حتى المساهمة في أيجاد حل للصراع الدائر بين السنة والشيعة، تبقى المشاكل الهيكلية، التي تشكل بيئة مناسبة لنمو وإزدهار أنشطة الجماعات الإرهابية المتغطية بالإسلام، بعيدة كلياً عن أي حلٍ ممكن. ومن هذا المنطلق، تبقى مسألة الاستقرار والازدهار في العالم بعيدة المنال إلى حدٍ كبير. ولكن ليس من الضروري أن يكون البعد العسكري البديل المناسب لاستراتيجية شاملة. وعلى ما يبدو أن الرئيس الأميركي الجديد، الذي لا يقل غباءً عن أسلافه، لم يدرك حتى اللحظة تلك الحقيقة.

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

4 × 5 =