اخر الاخبار

أخبار عاجلة
الرئيسية / مقالات / المؤتمر الثاني للتحول الرقمي في اليمن

المؤتمر الثاني للتحول الرقمي في اليمن

توفيق حنيش

انعقد المؤتمر الأول للتحول الرقمي وانا في جيبوتي وكنت أتمنى اكون في اليمن لأني شعرت بالاعتزاز والفخر بذلك الأداء والعدد الكبير من الخبراء والكفاءات الرائعة ومعظمهم زملاء مهنة ومدراء وقادة في مؤسساتهم .

كنت مسؤولا في جيبوتي عن عدة مشاريع ضخمة للربط مع جهات حكومية وخاصة لتقديم خدماتها رقميا مثل موانئ جيبوتي ، اتصالات جيبوتي ، البنك المركزي الجيبوتي ، الأحوال المدنية ، وكانت البيئة PEST مثالية ومناسبة جدا في عدة عوامل منها التشريعية التي تتمثل في وجود جهة واحدة ذات سيادة وقرار توفر كل متطلبات الربط مع تساوي الفرص للجميع وكان العامل القاتل لا مكانية تطور هذه البيئة هو الفقر الكامل لوجود العقول والكوادر الكفؤة التي يمكنها تنفيذ واستثمار هذه الفرص .

عندما رجعت الى اليمن كنت عازما على المشاركة في المؤتمر وكنت أعرف أن كل العوامل الأخرى في الـ PEST  هي منعدمة إلا واحدا منها وهو الـ T – Technology  حيث يوجد كوكبة من أكفأ وأفضل المهارات القادرة على إنجاز المستحيل لو تم الأخذ بتوصياتهم وأفكارهم وموجودون بالداخل والخارج ولو أنهم في وطن آخر لكانوا واحدا من عوامل النهضة والتحول الحقيقي في ذلك البلد .

بالفعل شاركت بإدارة المحور الرابع في اليوم الثاني وللأسف أصبت بالإحباط ، كان المؤتمر محشوا بأوراق العمل السردية كنسخة من محاضرة في قاعة الجامعة وبواقع ست أوراق عمل للجلسة الواحدة بطابع ممل وبدون قيمة مضافة .

انقضت ثلاثة أيام من المؤتمر ولم نخرج بشيء حقيقي يحل معضلات التحول الرقمي الواضحة للعيان ، فبدلا من ذلك الكم المزدحم من الأدبيات البسيطة والمتكررة كان يجب :

  • أن تكون هناك ورشة عمل تنفيذية يحضرها كل أصحاب المحافظ الإلكترونية من طرف والخبراء والمستشارون من طرف آخر لوضع خطوات تنفيذية لوضع حد للاستنزاف المالي والزمني نتيجة فشل جميع المحافظ في اليمن والاتفاق على مشروع إنقاذ موحد .
  • أن تكون هناك ورشة عمل تنفيذية تتناول معضلات عدم وصول اليمن الى مقسم وطني موحد لكل من المحافظ الالكترونية وبطاقات الدفع الالكتروني ونقاط البيع تحت إشراف ودعم جهة تشريعية واحدة تضمن حقوق البنوك كافة وطرفي هذه الورشة هم جميع البنوك في اليمن باعتبارهم المساهمين في المقسم الوطني والخبراء والمستشارون والجهات المشرعة من طرف آخر ، ينتج عن هذه الورشة خارطة طريق قابلة للتنفيذ .
  • أن تكون هناك جلسة مخصصة للنقاش حول تبني استراتيجية موحدة ومهنية للتحول الرقمي تستفيد منها جميع البنوك والمؤسسات والجهات التي تريد تطوير خدماتها الرقمية بدلا من “كل يغني على ليلاه”.
  • أن تكون هناك جلسة عمل تناقش استغلال واستثمار عقول ومعرفة هذه الكوادر والخبراء الرائعون والمتحفزون والمستعدون لتقديم ما لديهم من معرفة مجانا ، ينبثق عن هذه الجلسة إنشاء مجلس استشاري موحد غير ربحي يكون بمثابة المرجع لكل الجهات التي تريد الاستفادة من ثورة التكنولوجيا المتقدمة ويكفي أن يكون له مقر تتشارك في تشغيله كل هذه الجهات ، ويكون مصدرا للاستشارة الرصينة والمسؤولة لها .
  • مع كل تقديرنا واحترامنا لجهود العاملين على تنظيم المؤتمر وسهرهم وتعبهم لثلاثة أيام وليالي متتالية ، إلا أنه لا مفر من القول أن المؤتمر كان في نسخته الأولى فكرة ومبادرة مبدعة ورائعة ، وفي نسخته الثانية كان جهدا محروقا وفي حدوده الدنيا من القيمة المضافة ، وبقي فقط نسخته الثالثة لكي يموت الى الأبد كما تموت الأشياء الجميلة في اليمن أو أن ينهض من جديد ليكون الرافعة والمحور الثابت الذي ستدور حوله كل مشاريع التحول الرقمي.

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ستة − ثلاثة =