أخبار عاجلة
الرئيسية / كتابات / بابا نويل..!

بابا نويل..!

المرصد نيوز 

 

 

هاهي أجراس الكنيسةُ تدق في مسامعي لأول مرة ، وثلوجهم تتساقط بكل نعومةٍ وخفة على رؤوسنا بغير ما تفعله أمطارنا الغزيرة وثلجنا الحجري ، كانت تمسك بيدي بحب وتقودني بحنان وابتسامتها تدعوني للجلوس بجوارها بين تلك الكراسي الخشبية السميكة المنظمة والمزدحمة بالكبار من الجنسين ، لا زالت ترانيمهم الحزينة وكبيرهم الماسك للسيف بتصوري الطفولي ، عالقون في ملف خالد من سجل ذاكرتي .

سألتها ماذا تصنعون !

فمسحت رأسي الصغير وأشارت إلي سأجيبك لاحقاً ..

وقع ذلك في مدينة ( كاسل ) الواقعة في حدود ألمانيا الغربية ، عندما كنت أبلغ السادسة .. خرجنا من الكنيسة بعد مرور وقت ليس بالقصير قضيناه بالجلوس والوقوف وترديد الأهازيج التي تشبه نشيدهم الوطني .

كانت معلمتي عند وعدها فبمجرد عودتنا لقاعة الصف نادتني للجلوس بجوار طاولتها وكأنها همست في أذني بلغتها التي لم أكن أفهمها بعد .. ( هذا عيد ميلاد الرب ) ، عدت للمنزل وأخبرت والدي الذي كان يُحَضِّر لدراسة الماجستير في استضافتهم ، وأجابني بأسلوبه البسيط عن طقوسهم وأشبع كثير من فضولي ، وعن بابا نويل وهداياه – ينادونه الألمان نيكولاوس – وأخبرني أن الكنيسة في  دينهم مثل المسجد في ديننا ، وبطفولة قلت له : ( ولكنهم لا يتزاحمون في الباب عند الخروج ) .

حينها أتذكر أنه ضحك بقهر ثم صمت بعمق .

عدنا إلى اليمن وعمري في الثامنة ومن يومها وأنا أبحث عن بابا نويل في بلادي ، واتسائل من يفرح الصغار هنا ؟؟

وأخيراً وجدته ذات مره بنفس المواصفات في شارع هائل ، كبير في السن .. ذو لحية بيضاء كثيفة وبيده شوالة ، وقفت في صرح الجامع أنتظره وهو قادمٌ باتجاهي ، ابتسم لي وأنا أنظر إليه بإعجاب ، أدخل يده تحت ثوبه .. فظننت بفرح أنه سيخرج الهدية ، وإذا بي أُفجع بالأمل العجوز يخلع سرواله الداخلي – الواقف من سرَكِه – ليضعه في باب المكان المقدس .

 

٢٤/١٢/٢٠١٤

 

#فاروق_مريش 🙇

عن المرصد نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 × 3 =